الأحد، 30 نوفمبر 2014

قراءة في أحكام قانون رقم 1.13 المتعلق بمسطرة الأمر بالأداء-المعدل لقانون المسطرة المدنية المغربي

قراءة في أحكام قانون رقم 1.13 المتعلق بمسطرة الأمر بالأداء-المعدل لقانون المسطرة المدنية المغربي- 
نظم المشرع المغربي مسطرة الأمر بالأداء بمقتضى الفصول من 155 إلى 165 من قانون المسطرة المدنية، تعد استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى؛ ذلك أنها تمكن الدائن من استيفاء دينه المستحق بموجب سند، بأمر من رئيس المحكمة وفي غياب الخصم.
وإن كانت هذه المسطرة قد شهدت تطورا ملحوظا بعد إنشاء المحاكم التجارية سنة 1997، بحيث أصبح الأمر بالأداء الصادر عن رؤساء هذه المحاكم في المعاملات التجارية مشمولا بالنفاذ المعجل، خلافا للأمر الصادر عن رؤساء المحاكم الابتدائية في المعاملات المدنية، نظرا لما يقتضيه ميدان الأعمال من إجراءات تتطلب السرعة والنجاعة القضائية، فقد أظهرت الممارسة القضائية لهذه المسطرة منذ سنها سواء على مستوى المحاكم الابتدائية أو المحاكم التجارية إخلالات بنيوية حالت دون تمكينها من تحقيق الغاية التشريعية من سنها.
فمن جهة، كشفت الممارسة القضائية أن بعض المدينين الذين صدرت في حقهم الأوامر بالأداء لا يلجؤون إلى ممارسة الطعن بالاستئناف إلا بغاية التسويف والمماطلة.
ومن جهة أخرى، تبين أن سكوت القانون عن بيان حدود اختصاص محكمة الاستئناف التي تنظر في استئناف الأمر بالأداء نتج عنه تضارب واختلاف في العمل القضائي الصادر عن هذه المحاكم، إذ منها من يكتفي بمعاينة وجود المنازعة الجدية المثارة من قبل المدين المستأنف، دون إمكانية الفصل في هذه المنازعة مع الاكتفاء، في هذه الحالة، بإحالة الأطراف على محكمة موضوع ( ابتدائية أو تجارية، على حسب الأحوال) للنظر في النزاع وفق الإجراءات العادية للتقاضي، باعتبار أن هذه المسطرة استثنائية.

ومنها من ذهب في اتجاه مخالف وذلك بالتصدي للنظر في المنازعة في الدين موضوع الأمر بالأداء بعد الأمر بتحقيق الدعوى عن طريق إجراء من إجراءات التحقيق كالخبرة أو غيرها من إجراءات التحقيق المعمول بها.
هذا التضارب في العمل القضائي من جهة، وتحايل بعض المدينين في استعمالهم لحق الطعن بالاستئناف من جهة أخرى، أديا إلى التفكير في إعادة النظر في المقتضيات المنظمة لهذه المسطرة حتى تكون أداة ناجعة لتحصيل الديون المستحقة، خاصة  في الميدان التجاري.
لأجل ذلك، وبغية الحفاظ على التوازن القانوني بين حق الدائن في الحصول على دينه في أسرع وقت، وحق المدين في الحصول على محاكمة عادلة، أصبح من الضروري معالجة هذا الموضوع من خلال تعديل مقتضيات الفصول 155 و156 و158 و159 و160 و161 و162 و164 من قانون المسطرة المدنية، والمادة 22 من قانون إحداث المحاكم التجارية، وذلك بإلغاء مرحلة الطعن بالاستئناف في الأمر بالأداء وتعويضها بالطعن بالتعرض على الأمر المذكور، توفيرا للوقت وحفاظا على مبدأ التقاضي على درجتين.
بحيث إذا كانت المسطرة الحالية تتم عبر المراحل التالية: أمر صادر عن رئيس المحكمة، فطعن أمام محكمة الاستئناف، لتحال القضية من جديد على محكمة الموضوع في إطار الإجراءات العادية للتقاضي، ثم يطعن في الحكم الصادر في هذا الإطار أمام محكمة الاستئناف؛ فإن المسطرة المقترحة في التعديل ستختزل في ثلاث مراحل: أمر صادر عن رئيس المحكمة، ليحال بعد ذلك في إطار التعرض على محكمة موضوع ثم يطعن فيه بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف.
كما أن من إيجابيات هذا التعديل توحيد المسطرة المعمول بها في إطار الأمر بالأداء بين محاكم المملكة، بحيث ستصبح الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم الابتدائية مشمولة بالنفاذ المعجل على غرار الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم التجارية، كما ستصبح الإقرارات الثابتة بمقتضى سندات عرفية الصادرة بين التجار تقبل مسطرة الأمر بالأداء أمام المحاكم التجارية وهو ما سيرفع من نجاعة وفعالية هذه المسطرة.
وجدير بالذكر، أن هذا التعديل التشريعي ينتظر منه أن يرفع من تنقيط بلدنا في التقرير السنوي الذي ينجزه البنك الدولي حول مناخ الأعمال في مختلف دول العالم والذي يتضمن ترتيبا سنويا للدول بحسب درجة استجابتها لحاجيات الاستثمار وهو ما سيكون له أثر إيجابي، لا محالة، على جلب الاستثمار الأجنبي وتشجيع الاستثمار الوطني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق