الأحد، 30 نوفمبر 2014

شروط قيام التحكيم التجاري:
يتخذ الاتفاق على التحكيم شكلين؛ فهو إما عقد للتحكيم compromis Le وهو الوثيقة التي يتفق الأطراف بموجبها على عرض النزاعات التي حدثت بينهم على محكم أو محكمين. كما يمكن أن يتخذ شكل شرط للتحكيم la clause compromission حيث يتفق أطراف العقد الأصلي سواء كان عقدا مدنيا أو تجاريا- على أن ما ينشأ من نزاع حول تفسير هذا العقد أو تنفيذه يحل بواسطة محكمين. فعقد التحكيم يأتي، إذن، لاحقا لحدوث النزاع بين المتعاقدين، ولا يأتي في شكل شرط أو بند في العقد الأصلي، بل يأخذ شكل اتفاق متكامل، موضوعه اختيار نظام التحكيم لحل النزاع.
ويشترط لقيام الاتفاق على التحكيم التجاري الشروط التالية:
1  الأهليـة:
نص الفصل 306 من قانون المسطرة المدنية على أنه: "يمكن للأشخاص الذين يتمتعون بالأهلية أن يوافقوا على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها".
مما يفيد أنه لا يكفي أن يتمتع الأشخاص (الأطراف) بأهلية التعاقد لإبرام اتفاق التحكيم، أو أهلية التقاضي، ولا يستلزم كذلك أن تكون لهم أهلية التبرع، لأن عقد التحكيم ليس من قبيل التبرع بالحق، أي يجب أن يكون الشخص متمتعا بأهلية التصرف في الحق موضوع النزاع.
وعلى هذا الأساس، فالأشخاص الذين لا تتوفر لديهم هذه الأهلية كالقصر والمحجور عليهم ليسوا أهلا لإبرام اتفاقات التحكيم. فإذا ما أبرم أحدهم اتفاقا كان الاتفاق باطلا كما لا يجوز للوكيل بغير إذن خاص إبرام هذا العقد.
2  الكتابـة :
يستوجب المشرع صياغة الاتفاق على التحكيم في محرر مكتوب (الفصل 307 من قانون المسطرة المدنية) وهكذا لا يجوز إثبات عقد التحكيم بالقرائن أو بشهادة الشهود، ويبقى التساؤل مطروحا حول إمكانية إثبات عقد التحكيم بالإقرار  وأداء اليمين القانونية من جهة، ويطرح تساؤل آخر من جهة أخرى، حول ما إن كانت الكتابة شرط إثبات، أم هي شرط وجود وصحة؟.
على أن عقد التحكيم يمكن أن يرد في محرر عرفي بمقتضى محضر يقام أمام المحكم أو المحكمين المختارين، أو في محرر رسمي بمقتضى وثيقة أمام موثق أو عدلين، أو بأي سند كالرسائل المتبادلة أو البرقيات، شريطة أن تكون إرادة الطرفين ظاهرة.
أما بالنسبة لشرط التحكيم فإن الفصل 309 من قانون المسطرة المدنية، يستوجب أن يكون شرط التحكيم مكتوبا باليد، وموافقا عليه بصفة خاصة من لدن الأطراف تحت طائلة البطلان، هذا إذا ثم تعيين المحكم أو المحكمين مسبقا وفي نفس العقد، أما إذا لم يتم هذا التعيين المسبق للمحكمين، فإن المشرع لم يورد لشرط التحكيم أي شكليات خاصة به.
 3 موضوع التحكيم :
ينص الفصل 306 من قانون المسطرة المدنية على أن الحق لا يكون محلا للتحكيم إذا كان مما لا يجوز التصرف فيه، وتولى المشرع في الفقرة الثانية بيان الأحوال التي لا يجوز الاتفاق على التحكيم بشأنها، وهي تلك المتعلقة بالحالة الشخصية أو التي تمس النظام العاموعلة إخراج المنازعات التي لا يجوز الصلح فيها، هو رغبة المشرع بمنع الصلح وبسط ولاية القضاء العام على هذه المنازعات، وهو ما يقتضي أيضا منع التحكيم بشأنها. وغني عن البيان، أن الاتفاق على التحكيم جائز سواء قبل نشوب النزاع أو بعده (الفصل 309 من ق.م.م).
ومن البيانات الأساسية التي أوجبها الفصل 308 من ق.م.م في سند التحكيم، تحديد الأجل الذي يتعين على المحكم أو المحكمين، أن يصدروا فيه قرارهم التحكيمي. وإذا لم يحدد السند أجلا يستنفذ المحكمون صلاحياتهم بعد ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغ تعيينهم.
فالأصل أنه يجب تحديد أجل للمحكمين لإصدار قرارهم في سند التحكيم، حيث يعمد الأطراف إلى تحديد الأجل الذي يجب على المحكمين إصدار حكمهم فيه. إلا أن العبارة الأخيرة من الفصل المذكور، تفيد أنه يمكن بصفة استثنائية ألا يقع تحديد الأجل في سند التحكيم. ويترتب على ذلك أنه بعد فوات ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغ المحكمين، لم تعد لهم المحكمين أية صلاحية للبث في النزاع الذي عرض عليهم على أساس ذلك الاتفاق، ويحق للطرف ذي المصلحة أن يلتجأ إلى القضاء العادي لأن التحكيم يكون في حكم المنتهي، وهذا ما أكده الفصل 312 من ق.م.م، ولا يترتب على عدم تحديد الأجل في سند التحكيم أي بطلان.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق