السبت، 6 ديسمبر 2014

     تنظيم مهام السنديك في نظام صعوبات المقاولة المغربي

إن المشرع المغربي لم يهتم بتنظيم مهمة السنديك بالمقابل بعض التشريعات المقارنة قامت بتنظيم هذه المهمة في إطار مهنة خاصة ، ومنها التشريع الفرنسي المستقاة منه مقتضيات معالجة صعوبات المقاولة الواردة في قانون مدونة التجارة المغربي.

فبالرجوع إلى التشريع الفرنسي نجد  القانون رقم 99 – 85 الصادر في 25 يناير1985 بشأن المتصرفين القضائيين والوكلاء القضائيين المكلفون بتصفية المقاولات والخبراء المتخصصون في تشخيص أوضاع المقاولات . و المرسوم رقم 1389 - 85 بتاريخ 27/12/1985 الذي يتعلق بتطبيق القانون السابق الذكر.

و تتطلب مهام السنديك الدراية بقواعد الإدارة والتسيير للمقاولات ومعرفة متطلبات سوق التجارة، ومبادئ التسويق، والمحاسبة إضافة إلى الإلمام بقواعد الإجراءات المسطرية المقررة في القانون سواء في قانون مدونة التجارة أو قانون المسطرة المدنية وكذا مختلف القوانين المالية والضريبية و الشغلية، وغيرها ، وهي موضوعات من الواضح أن الإلمام بها يستوجب تكوينا أكاديميا خاصا ومتخصصا لممارسة مهام السنديك بشكل سليم.

وفي غياب النص التشريعي، فإن العمل القضائي أضحى ملزما للتدخل في هذا التنظيم إما في إطار حصر وتحديد المهام المسندة للسنديك سواء في إطار مسطرة التسوية أو مسطرة التصفية القضائيتين، والتأكيد على إنجاز مهام (السنديك) تحت إشراف القاضي المنتدب، ومراقبة المحكمة، كما يتم تنظيم علاقته الإدارية بأجهزة المحكمة (كتابة الضبط، القاضي المنتدب، الرئيس، هيئة الحكم) وفي هذا الإطار يؤكد السيد محمد ايت بلحسين رئيس المحكمة التجارية بمراكش بصدد توضيح طريقة التعامل مع السنديك ما يلي:

« ....إن السنديك المعين من الأغيار يمارس عملا عهد به أصلا لكتابة الضبط، وبالتالي عليه التقيد بالضوابط القانونية بصفة عامة، والحضور إلى المحكمة من حين لآخر، مع التواصل المستمر مع القاضي المنتدب، وقسم صعوبات المقاولة، وكذا حرصه على الحياد في التوفيق بين مختلف المصالح المتواجد والمتناقضة أحيانا (مقاولة –دائنين –عمال) خصوصا وأنه يمثل المقاولة والدائنين ».

المطلب الأول: التنظيم القانوني لجهاز السنديك 
الفقرة الأولى: تحديد  مهام السنديك
لئن كانت مواد قانون مدونة التجارة 95-15 تشير إلى المهام الأساسية التي يحق للسنديك القيام بها في كل من مسطرة التسوية القضائية ومسطرة التصفية القضائية و بشكل يتضمن تمييزا نوعيا يفتح الباب واسعا في اختلاف وجهات النظر في مناقشتها و بشأن المهام الخاصة بكل منهما مع إيراد مقتضيات ومهام مشتركة عامة بينهما في المواد 640 إلى 644 من القانون 15.95، فإن ما يستوجب الإشارة إليه أن هذه المهام يجب تحديدها وحصرها من طرف القاضي المنتدب أو من طرف المحكمة ذات الإختصاص نوعيا في قرارها، أو حكمها القاضي بإخضاع المقاولة للتسوية أو التصفية القضائيتين أو أي إجراء بشأنهما أن تحرص على التحديد أو الحصر في إطار الإستعانة بالسنديك لإدارة صعوبات المقاولة- وحسب المرحلة التي تصل إليها صعوباتها وبمنطق يراعى أن يتم هذا الحصر والتحديد حسب طبيعة كل قضية وملابساتها ونوعية الصعوبات التي تواجه المقاولة.

والملاحظ من خلال الكثير من أحكام المحاكم التجارية أنها تعمل على التركيز في المهام المسندة للسنديك على مكامن الخلل التي تشوب سير المقاولة مع الحفاظ على صلاحيات رئيس المقاولة، أو الجهاز الإداري التسييري أو النظامي لطبيعتها أو مراعاة لبعض الأنظمة الإدارية الخاصة التي توجب إدارة المشروع أو المقاولة بترخيص شخصي خاص أو بترخيص مرتبط بكفاءة علمية خاص

وتجدر الإشارة إلى أن عبارة " يقوم السنديك وحدة بالإجراءات المتعلقة بالمسطرة" تستوجب نوعا من التدقيق والتوضيح لمفهوم "الإجراءات" وتحديدا توضيح ما إذا كانت هذه العبارة تشمل "الحق في مقاضاة أحد الأطراف أو المقاولة نفسها والحق في الطعن -بالاستئناف ضد أحكام المحكمة التجارية أو بالنقض- ضد أحكام محكمة الاستئناف التجارية أم أن عبارة "الإجراءات" تشمل فقط الإجراءات المحددة والمحصورة في الحكم أو القرار القاضي بتعيينه سنديكا يعمل تحت إشراف وتوجيه القاضي المنتدب، وماذا لو اختلفا في ضرورة اللجوء إلى القضاء؟ هل يتجاوز السنديك القاضي المنتدب ويقيم الدعوى دون إذنه أو رغما عن رفضه؟ وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى ما جاء في قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء –وغيره كثير- رقم 1516/99 و 1517/99 الصادر بتاريخ: 19/10/1999 الذي أكد ما يلي:

«...حيث إنه بالرجوع إلى المواد المنظمة لمسطرة معالجة صعوبات المقاولة يتضح أن المشرع أناط بالسنديك وحده مهمة القيام بالإجراءات المتعلقة بهذه المسطرة ولم يسندها لأي من الدائنين...»

وقد اعتمدت المحكمة لتعليل هذا الموقف  على المواد 576، 577، 579 إلى 591 وكذا المواد 604 / 618 من المدونة.

الفقرة الثانية : تعديل أو تغيير مهام السنديك أو عزله:

أولا: توسيع مهام السنديك:

- جاء في بعض حيثيات قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء: رقم26/2001 بتاريخ30/01/2001 في الملف1517/99/11 مايلي:

- "...حيث بالرجوع إلى الفصلين أعلاه (576 و716) من مدونة التجارة نجد بأنه يعطي الإمكانية في تغيير مهام السنديك تلقائيا ، وكذا الوجوب بوضع اليد تلقائيا من طرف المحكمة للنظر في سقوط الأهلية التجارية كلما توافرت لديها المعطيات، إن ذلك يعني أن المحكمة لها الصلاحية المطلقة في اتخاذ الإجراءات اللازمة كلما أثيرت أمامها دفوعات أو مساطر من شأنها أن تفيد وجود عناصر تؤدي إلى تطبيق المقتضيات الواردة بهذا الشأن أيا كان مصدر العلم بتلك العناصر، وأيا كان الطرف المثير لها حتى ولو لم تكن له الصفة في إثارتها أو التنازل عن ذلك فإن صلاحية المحكمة تبقى قائمة.

- وحيث إن طلب توسيع مهام السنديك ....أثيرت أمام المحكمة من طرف أحد المساهمين في الشركة الخاضعة لمسطرة التسوية القضائية فإن طلباتهم تكون مقبولة، باعتبارها وسيلة للمحكمة كي تضع يدها تلقائيا على المسطرة للنظر في الطلبات....

- «....وحيث إنه اعتبارا لكون المقاولة هي شركة مساهمة ويتعين تسييرها من طرف الرئيس وأعضاء المجلس الإداري.

- «وحيث يتعين تبعا لذلك إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الطلب والحكم من جديد.... بتوسيع مهام السنديك ، وذلك بتكليفه بمساعدة رئيس المقاولة في جميع الأعمال التي تخص التسيير المالية منها والإدارية والاجتماعية. ... »

هكذا يتضح أنه قد تظهر أثناء ممارسة السنديك في تنفيذه للمأمورية المحددة له قضائيا بمقتضى الحكم القاضي بتكليفه وتحديد مهامه أنه تواجهه في إطار تنفيذ هذه المهمة واقعيا أو قانونيا صعوبات تستوجب طلب توسيع مهامه للقيام بإجراءات أو تصرفات غير واردة في الحكم القاضي بتعيينه إما بسبب نوعية وضعية المقاولة أو بسبب نزاع بينه وبين رئيس المقاولة، أو مجلسها الإداري أو الدائنين أو المدينين وهو أمر تتم مواجهته عن طريق عرض الموضوع على القاضي المنتدب قضائيا لاستجلاء موقفه أو طلب مشورته أو مبادرته لتفعيل صلاحياته القانونية أو لتنفيذ الأمر القضائي بتقديم مقال من طرف السنديك يرفع إلى رئيس المحكمة التجارية في مواجهة رئيس المقاولة وبحضور النيابة العامة، يتضمن عرض الوقائع والمهام الإضافية المطلوب القيام بها.... وبعد مناقشة الدعوى تواجهيا يتم البت في الطلب بحكم قد يستجيب للطلب كليا أو جزئيا وقد لا يستجاب له ...، ويرى السنديك تنفيذا لمهمته –مبدئيا- أن يواجه الحكم الرافض لموقفه عن طريق الطعن القضائي المنظم قانونا وحسب الحالات؛ إما بالإستئناف أو النقض أو عن طريق مسطرة طرق الطعن غير العادية من قبيل إعادة النظر، أو تعرض الغير الخارج عن الخصومة.

ثانيا: عزل أو استبدال السنديك  (م644):

- للمحكمة التي عينت السنديك حق عزله أو استبداله بغيره ليتولى مهمته أو مواصلة ما قام به ويتم استبدال أو عزل السنديك إما :

أ‌- بطلب من القاضي المنتدب.

ب‌- بصفة تلقائية من طرف المحكمة.

ج - بطلب من الدائنين أو أحدهم.

د‌- بطلب من المدينين أو أحدهم.

هل يمكن الطعن في الحكم القاضي باستبدال أو عزل السنديك ؟

يرى الدكتور امحمد الفروجي:" أن المشرع المغربي لم يكن دقيقا بما فيه الكفاية بخصوص موضوع طرق الطعن ضد الأحكام الصادرة في مادة صعوبات المقاولة،..... وأن حسن سير المسطرة يقتضي أن لا يقبل الحكم القاضي باستبدال السنديك سوى الطعن بالاستئناف من طرف النيابة العامة سواء كانت طرفا رئيسيا في القضية أم لا –".

المطلب الثاني: العمل القضائي بخصوص تحديد مهام السنديك :

يتبين من خلال الكثير من أحكام وقرارات المحاكم التجارية  أنها حين الأمر بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائيتين تقوم بحصر وتحديد المهام التي على السنديك القيام بها، وذلك حسب الوضعية أو الحالة التي وصلت إليها المقاولة وحسب نظامها القانوني ونوعها، وهو ما نعرض بشأنه نماذج فيما يلي:

الفقرة الأولى: تحديد المهام في مسطرة التسوية القضائية

1- حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 25/06/2001 في الملف عدد 122/2001/10 الذي قضى بما يلي: تحديد مهام السنديك في مراقبة عمليات التسيير. وإعداد تقرير مفصل حول الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة. وإعداد الحل المناسب في نطاق المادة 579 من المدونة خلال أجل أقصاه 4 أشهر من تاريخ الحكم.

2- حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 29/07/2002 في الملف عدد 222/2002/10 الذي قضى بما يلي:  متابعة (مواصلة) السنديك إجراءات تنفيذ المقاولة لالتزاماتها المحددة في مخطط الاستمرارية المذكور. تقديمه تقريرا كل أربعة أشهر إلى القاضي المنتدب، حول تطور المقاولة وبالخصوص دفع المستحقات في آجالها. إشعار المحكمة في حالة عدم أداء الاستحقاقات أو بأي حالة تدهور ممكنة الحدوث للشركة .

3- حكم محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 19/04/2004 في الملف عدد: 20/2002/11 الذي حدد مهام السنديك في : ?مراقبة عمليات التسيير، إعداد الحل طبقا للمادة 579 من المدونة عرض اقتراحاته على القاضي المنتدب في إطار المادة 579 من المدونة).

4- حكم المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 03/05/1999 في الملف عدد 2297/99: وضع تقرير مفصل حول الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للشركة. ? إعداد الحل الملائم.

5- حكم المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 26/06/2002 في الملف عدد 5/37/2001 الذي قضى بما يلي: مراقبة عملية التسيير.  وضع تقرير مفصل حول الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية بالمقاولة... بمساعدة رئيسها أو من يقوم مقامه. إعداد حل مناسب لتصحيح الوضعية في نطاق المادة 579 من المدونة، داخل أجل أقصاه أربعة أشهر. السماح له بالاستعانة بخبير آخر إن اقتضى الأمر.

6- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 06/02/2003 في الملف عدد 55/2002 الذي قضى بما يلي:مراقبة عمليات التسيير .  إعداد تقرير مفصل بشأن الموازنة المالية والإجتماعية و الإقتصادية للشركة. اقتراح الحل المناسب مع العمل على عرض تقريره على السيد القاضي المنتدب داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ هذا الحكم.

7- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 27/03/2003 في الملف عدد: 06/2003 الذي قضى بما يلي: مراقبة عمليات التسيير  إعداد تقرير مفصل بشأن الوضعية المالية والاقتصادية والاجتماعية للشركة .  اقتراح الحل المناسب وعرض تقريره على السيد القاضي المنتدب داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ الحكم.

8- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 02/10/2003 في الملف عدد 25/2003 الذي قضى بما يلي:بإعداد التقرير المالي الاقتصادي للمقاولة  اقتراح مخطط الاستمرارية أو التفويت أو التصفية القضائية و عرضه على القاضي المنتدب داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ صدور هذا الحكم.

9- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 01/04/2004 في الملف عدد 6/2004 الذي قضى بما يلي:  مراقبة عمليات التسيير .مساعدة رئيس المقاولة في جميع الأعمال التي تخص التسيير .  يتعين عليه (السنديك) بمجرد التوصل بهذا الحكم أن يعد تقريره بخصوص الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للشركة يقترح على ضوء تقريره ما يراه مناسباً طبقا للفصل 579 من مدونة التجارة.  يعرض التقرير داخل أجل 4 أشهر ( أربعة أشهر) من تاريخ هذا الحكم على القاضي المنتدب.

10- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 03/04/2004 في الملف عدد 10/2004 الذي قضى بما يلي:  مراقبة عمليات التسيير . إعداد تقرير مفصل بشأن الوضعية المالية والاقتصادية و الاجتماعية.  اقتراح الحل المناسب.  العمل على عرض تقرير على السيد القاضي المنتدب داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ الحكم .

11- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 03/04/2004 في الملف عدد: 3/2004 الذي قضى بما يلي:  مراقبة عمليات التسيير.إعداد تقرير مفصل بشأن الوضعية المالية والاقتصادية و الاجتماعية للشركة  اقتراح الحل المناسب وعرض التقرير المنجز على السيد القاضي المنتدب داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ الحكم.

12- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 12/02/2004 في الملف عدد 79/2003 الذي قضى بما يلي: مراقبة التسيير. يدعو الدائنين إلى التصريح بديونهم لدى السنديك المعين.  بتحديد 23/06/2003 بصفة مؤقتة تاريخاً لتوقف عن الدفع.

حول حق سنديك التسوية القضائية في التقاضي والطعن:

موضوع حق سنديك التسوية القضائية في ممارسة الطعن ضد أحكام القضاء من الموضوع التي لازالت مفتوحة للنقاش خصوصا عندما يتم حصر مهامه بشكل لا يغل كليا سلطة وصلاحيات رئيس المقاولة، ومن الأمثلة على ذلك المذكرة الجوابية التي أدلي بها أمام محكمة الإستئناف التجارية بالدار البيضاء في الملف 3920/2003 و التي جاء فيها:

« خرق مقتضيات الفصل 576 من مدونة التجارة:

حيث إنه بالرجوع إلى المقال المستأنف سيتضح بأن الدعوى مرفوعة من طرف سنديك التسوية القضائية.

ولأن المشرع المغربي وإن كان أسند للسنديك تولي مجموعة من الصلاحيات جاء النص عليها في المواد 640، 641، 642، 643، 646 فإن هذه الاختصاصات والصلاحيات إنما تمارس ضمن إطار نوعية المساطر التي تخضع لها المقاولة التي توجب في وضعية "صعوبة" وتحديدا ما إذا كان الأمر يتعلق بتسوية قضائية أو تصفية قضائية.

وحيث إن شركة كوبروتيل توجد في وضعية تسوية قضائية، فإن هذا لا يؤدي إلى غل يد مديرها ومسيرها في مباشرة جميع الإجراءات المتصلة لحماية حقوقها المالية.

وحيث إن الحكم الصادر بفتح مسطرة التسوية القضائية هو الذي يحدد صلاحيات السنديك طبقا لنص المادة 576 من مدونة التجارة.

وحيث إن الحكم بالتسوية القضائية الصادر عن المحكمة التجارية بالرباط في مواجهة شركة كوبروتيل بتاريخ 20/12/2000 في الملف عدد 5/14/2000 حدد صلاحيات السنديك السيد إدريس رواح في:

-مراقبة عملية التسيير.

- وضع تقرير مفصل حول الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية بالشركة المذكورة وذلك بمساعدة رئيسها ومن يقوم مقامه مع إعداد حل مناسب لتصحيح الوضعية في أجل أقصاه 4 أشهر من تاريخ التوصل بالحكم.

وحيث إن الصلاحيات الممنوحة بموجب الحكم أعلاه لا يتضمن أية فقرة أو أية إشارة إلى ممارسة الحق في التقاضي،فإن قيام السنديك بتولي إجراءات التقاضي عن شركة كوبروتيل دون الرجوع إلى الحكم الذي يحدد صلاحياته يجعل الدعوى مرفوعة من شخص غير ذي صفة مما يتعين ردها على حالتها والحكم تبعا لذلك بعدم القبول خصوصا وأن صاحب الشركة و مسؤولها القانوني لازال يتمتع بكامل أهليته للتقاضي علما أن الأهلية من النظام العام بمقتضى الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية».

الفقرة الثانية: تحديد المهام في مسطرة التصفية القضائية.

1 - حكم المحكمة التجارية بالرباط رقم 14 بتاريخ 21/06/2000 في الملف 5/41/99 منشور ب: مجلة القصر العدد 8/ ما ي2004 ص: 210

§ تحديد مهمة السنديك فيما يلي: تسيير عمليات التصفية القضائية من تاريخ الحكم حتى قفل المسطرة.  تحديد أتعابه (السنديك) في 5000,00 درهم. نأمر رئيس المقاولة بإيداع مبلغ 3000,00 درهم بصندوق المحكمة بالإضافة إلى أتعاب السنديك.

2- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 13/11/2003 في الملف عدد 22/2003 الذي قضى بما يلي: الإشراف على الاستغلال خلال فترة إنجاز المسطرة . مواصلة استغلال الشركة لنشاطها طيلة مدة ستة أشهر .

3- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 21/11/2002 في الملف 46/2002 قضى بتعيين السيد الحسين ادحلي سنديكا للقيام بإجراءات التصفية.

4- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ17/07/2003 في الملف 23/2003 قضى بتعيين السيد الحاج العلاوي إبراهيم سنديكا للتصفية يعهد إليه القيام بمهام التصفية إعمالا للفصل 619 وما بعده من مدونة التجارة.

5- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 13/11/2003 في الملف 02/2003 الذي قضى بتعيين السيد علي السعداوي سنديكا للقيام بإجراءات التصفية .

6- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 13/11/2003 في الملف 22/2003 الذي قضى بتعيين السيد إبراهيم العلاوي سنديكا ومشرفا على الاستغلال خلال هذه الفترة.

7- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 04/12/2003 في الملف 58/2003 الذي قضى بالإبقاء على السيد عمر عنبر سنديكا للقيام بإجراءات التصفية.

8- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 11/03/2004 في الملف 8/2004 الذي قضى بتعيين السيد الحسين ادحلي سنديكا توكل إليه مهام إجراءات التصفية من بدايتها إلى نهايتها.

الفقرة الثالثة: موقف القضاء بخصوص أتعاب السنديك 

من الموضوعات الأساسية والمهمة التي لم تتم معالجتها تشريعيا من طرف المشرع المغربي موضوع: تحديد أتعاب السنديك في إطار ضمان الوضوح والشفافية والنزاهة في عمله مع كافة الأطراف المعنية وبشكل يكرس مبدأ الإستقلالية والحياد، الذي يؤهله لأن يكون معنويا وماديا مساعدا للقضاء في معالجة صعوبات المقاولة-كما أشير إليه أعلاه-

وإذا كان العمل القضائي –واقعيا وميدانيا- بشأن التعيين والتكليف بمهمة السنديك يميز بشأن موضوع أتعابه بين إسناد المهمة لأحد أطر كتابة الضبط التي لا يقرن مجهوداتهم بأي أتعاب أو تعويض بحكم وظيفتهم الإدارية، وقيود استخلاص أي أجر أو تعويض عنها خارج النظم الإدارية الجاري بها العمل، فإنه (أي العمل القضائي) حين إسناد المهمة للغير (خصوصا الخبراء) نجده يحدده لفائدتهم (أجورا أو تعويضات) تختلف في مبلغها تكثيرا أو تقتيرا يخضع أساسا للسلطة التقديرية للمحكمة، واعتمادا على عناصر مختلفة بدون تعليل أو عند التعليل –أحيانا- إما محددة مسبقا في الحكم أو القرار القاضي بالتعيين في المسطرة كجزء من مصاريف المسطرة بتحديد مبلغها وتمييزها أو بدون تحديد لذلك ودمجها مع مصاريف المسطرة (التسوية أو التصفية) مما يوجب على السنديك المعين –الممارس لمهنة حرة- تقديم طلب لتحديد أتعابه عن المسطرة وتعليله...إلخ.

ولأن المشرع المغربي –وبشكل سلبي في نظرنا- لم يحدد معايير ومقاييس موضوعية وعلمية في التعامل مع موضوع التحديد لهذه الأتعاب على غرار ما نهجه بشأن أتعاب بعض المهن الحرة التي أقرها لمساعدة الإدارة القضائية من قبيل مهنة الأعوان القضائيين ، فإن العمل القضائي بشأن التعامل مع الموضوع سجل مفارقات تستوجب الكثير من علامات الإستفهام أو التساؤلات عن مجموع المبالغ السنوية الرسمية –قضائيا- التي يتوصل بها السنديك في إطار مسطرتي التسوية أو التصفية القضائيتين، من خلال عدد الملفات التي يعينون فيها في دائرة كل محكمة ويتم تحديد هذه الأتعاب عن كل مسطرة ...إلخ، وهو موضوع لأن المقام/ بتناوله بتفصيل نرى أن نخصص فيه حيزا لنماذج العمل القضائي الذي ينضح بما يستحقه الموضوع من عناية واهتمام...، وعلى سبيل الأمثلة فقط نماذج من الأحكام والقرارات القضائية بشأن هذا التحديد:

1- حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 25/06/2001 في الملف 122/2001/10 الذي قضى بما يلي: 10.000,00 مصاريف المسطرة مؤقتا.

2- حكم محكمة الإستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 19/04/2004 في الملف 20/2002/11 الذي حدد أتعاب السنديك فيما يلي: 10.000,00 درهم.

3- حكم المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 26/06/2002 في الملف 5/37/2001 الذي قضى بما يلي: 20.000,00 مصاريف المسطرة زائد 2500,00 المحددة كمبلغ تكميلي المحدد بمقتضى الأمر الصادر بتاريخ 10/05/2002 لفائدة الخبير.

وبخصوص تعليل المبلغ المحدد كأتعاب السنديك والعناصر الموضوعية المعتمدة نورد مايلي:

1- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 17/10/2002 في الملف عدد 26/2002 الذي جاء في حيثياته ما يلي:

"حيث إن الطلب يهدف إلى تحديد أتعاب ومصاريف الخبير المعين من طرف المحكمة كسنديك في مسطرة التسوية المفتوحة في الملف عدد 03/1999.

و حيث إن المحكمة بعد دراستها لمحتوى الوثائق المرفقة بالطلب و المدرجة بالملف تبين لها أن السنديك كان معينا من طرف المحكمة بصفته مراقبا لتنفيذ مخطط الاستمرارية من 17/11/2000 إلى تاريخ التصفية .

و حيث إنه بالرجوع إلى تقريره المعد و المدرج بالملف والإجراءات المتخذة من طرفه وما تطلب منه ذلك من وقت وجهد والنتائج المحصل عليها حسب التقرير المعتمد من طرف المحكمة يتضح أنه بذل ما في وسعه لإنقاذ المقاولة وترتب عن ذلك المحافظة على مناصب الشغل إلى تاريخ النطق بالحكم بالتصفية واعتبارا لبقية المعطيات تحدد أتعابه ومصاريفه جملة في مبلغ 115.500,00 درهما بما فيه الضريبة على القيمة المضافة".

الفقرة الرابعة: إزداوجية مهام السنديك:

لوحظ من خلال دراسة مجموعة من الأحكام الصادرة عن بعض المحاكم التجارية أنها قبل إصدار الحكم بشأن إخضاع شركة أو مقاولة للتسوية أو التصفية القضائية تلجأ إلى إصدار حكم تمهيدي تعين بمقتضاه خبيرا مقيدا بجدول الخبراء قصد إعداد تقرير حول الوضعية المالية والاجتماعية لتلك المؤسسة ومدى ضرورة إخضاعها للمسطرة ، وغالبا ما يتم اعتماد تقرير وموقف الخبير المنتدب قبولا أو رفضا للإخضاع لهذه المسطرة ،....

وفي حالة الاستجابة للطلب يتم تعيين أحد زملائه الخبراء للقيام بمهمة السنديك أما هو فقد يعين في ملف آخر كسنديك أجرى فيه زميل له خبرة قضائية وهكذا يكون نفس الأشخاص المحدودون في عددهم في دائرة نفس المحكمة هم من ينتدبون كخبراء لاقتراح إخضاع المؤسسات الاقتصادية لنظام صعوبات المقاولة أم لا؟ وهم نفس الأشخاص الذين يعينون للقيام بدور ومهام السنادكة في تلك المؤسسات...؟؟.

وقد وقفنا على هذه الملاحظة التي تستوجب الكثير من التأمل والدراسة من عدة جوانب من خلال دراسة عينة من الأحكام والقرارات، عملا أن القيام بأي من المهمتين يتم بشأنها تحديد أتعاب قد تكون كثيرة و مستنزفة للوضعية المالية للمقاولة وقد يكون التحديد المسبق والإلزام بالإيداع لهذه الأتعاب بصندوق المحكمة محل تساؤلات حول مدى سلامة هذا الموقف وعلى ضوء قواعد الأجر مقابل العمل والتوصل بالأجر قبل القيام بأي عمل وقد لا يقوم به، لأي سبب من قبيل ظهور حالة التنافي أو الصلح بين المقاولة و دائنيها، ويمكن أن ترفض المقاولة إيداع المبلغ ومع ذلك تحتج بالحكم القاضي بإخضاعها للتسوية للإستفادة من امتيازاته دون أخذ الإجراءات مسارها العادي ...

ولأن موضوع الأتعاب المحدد للسنديك أهميته، فإننا حرصنا على إيراد نماذج من العمل القضائي بشأنه في هذا الموضوع كما سلف...

خاتمة:
حاولنا في تناولنا لموضوع السنديك كواحد من الأجهزة الأساسية لمعالجة صعوبات المقاولة إبراز أهم معالم وخصوصيات هذه المؤسسة في إطار ما تنص عليه المقتضيات التشريعية مع التركيز على الواقع الميداني من خلال نماذج للعمل القضائي، الذي ركزنا بشأنه على أحكام وقرارات غير منشورة لإبراز اختلاف وجهات نظر المحاكم في تعاملها مع عدة موضوعات من قبيل تحديد وحصر المهام في كل مسطرتي التسوية والتصفية القضائية وفي طريقة تحديد أتعاب السنديك فيهما، في محاولة لإبراز مدى التعثر الذي يشهده تطبيق المقتضيات التشريعية على محك الواقع وما يتطلبه الأمر من ضرورة التدخل تشريعيا لإستدراك ما كشف عنه الواقع العملي من معوقات من خلال نصوص تنظيمية جوهرية من قبيل إصدار نص تنظيمي منظم لمهنة السنادكة والعمل على تقوية جهاز كتابة الضبط لتمارس هذه المهمة بصفة أساسية بدلا من التركيز على مهن أخرى وما يتسم به دورها من سلبيات تستوجب المعالجة في أفق تنفيذ الاختيارات الأساسية والفلسفية العامة للموضوع وما تستهدفه من تقوية المقاولة المواطنة والاستثمار عموما في أجواء تسودها الفعالية والشفافية وحسن المردودية على الجميع.

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

                 آليات البحث في مخالفات قانون المنافسة
إن المشرع المغربي أولى أهمية بالغة لموضوع حماية المستهلك ومن هذه الزاوية فقد خول لمجموعة من الهيئات الادارية مهمة السهر على مراقبة ممارسات المهنيين ثم القيام باجراءت البحث والتحقيق اللازمة بشأن مخالفات قواعد المنافسة وإحالة المحاضر والأبحاث المنجزة على الجهات القضائية المختصة قصد متابعة ومعاقبة الفاعلين.
تعهد الى هذه الهيئة الادارية القيام بمجوعة من الابحاث اللازمة المنصوص عليها في قانون 06_99 ويشترط ان تكون هذه الهيئة مؤهلة خصيصا لذا الغرض،و يجب أن يكونوا محلفين وأن يحملوا بطاقة مهنية تسلمها الإدارة وفق الإجراءات المحددة بنص تنظيمي.
  كما يلزمون بكتمان السر المهني تحت طائلة الجزاءات المنصوص عليها في الفصل 446 من القانون الجنائي[1].
ويكلف هؤلاء الموظفون بالقيام بالابحاث اللازمة للكشف عن  عدم احترام قواعد المنافسة سواء بالنسبة للكشف عن الممارسات المقيدة للمنافسة او  بالنسبة للممارسات المنافية لقواعد المنافسة،  وتنجز هذه الأبحاث عن طريق تحرير محاضر او تقارير من طرف الموظفين والأعوان والتي يتم رفها الى السلطة المختصة حيث نجد انها  ترفع  الى السلطات التي طلبتها   بخصوص المحاضر وتقارير البحث المتعلقة بالممارسات المشار إليها في المادتين 6و7 أعلاه التي يحررها الموظفون والأعوان كما توجه المحاضر المثبتة فيها المخالفات لاحكام البابين السادس[2] و السابع [3]إلى وكيل الملك المختص.
كما يشمل الإعلام أيضا المهنيين ، وذلك بإخبار كل من يشتري منتوجا أو يطلب تقديم خدمة لأجل نشاط مهني بجدول الأسعار و شروط البيع و يتم هذا الإخبار بأي وسيلة مطابقة لأعراف المهنة[4].
ويلاحظ بذلك أن قانون حرية الأسعار والمنافسة قد عمد إلى تشجيع المنافسة الحرة من جهة و قيد هذه المنافسة باحترام المقتضيات القانونية من جهة اخرى، و تعد هذه الأبحاث الوسيلة الأنجع لكشف اعمال الادخار السري التي يقصد من ورائها التجار المضاربة فيها إضافة إلى  حيازة أشخاص مقيدين في السجل التجاري أو لهم صفة صانع تقليدي لمدخرات من بضائع أو منتوجات لا تدخل في نطاق الغرض من صناعتهم أو تجارتهم أو نشاطهم كما هو ناتج عن الضريبة المهنية (البتانتا) أو عن تقييدهم في اللوائح الانتحابية لغرف الصناعة التقليدية قصد بيعها؛
 حيازة المنتجين الفلاحين لمدخر من بضائع أو منتوجات لا علاقة لها بمؤسسات استغلالهم قصد بيعها[5].
أما فيما يتعلق  بالأبحاث المنجزة للكشف عن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة فهذه الابحاث تهذف الى الكشف عن جميع الأعمال المدبرة أو الاتفاقيات او التحالفات الصريحة الو الضمنية كيفما كان شكلها وايا كان سببها وعندما يكون الغرض منها او قد يترتي عليها عرقلة المنافسة او الحد منها او تحريف سيرها في سوق ما[6]،هذا من جهة و من جهة أخرى التحقق في وجود استغلال تعسفي تقوم به المنشاة او مجموعة منشات لوضع مهيمن في السوق الداخلية او جزء مهم من هذا السوق ، وأيضا لحالة تبعية اقتصادية يوجد فيها زبون او ممون وليس لديه حل مواز وذلك عندما يكون الغرض منه او يمكن ان تترتب عليه عرقلة المنافسة او الحد منها او تحريف سيرها[7].
خول المشرع للمحتسب من خلال قانون 82-02 المتعلق باختصاصات المحتسب وأمناء الحرف القيام بالعديد من المهام منها مراقبة الأثمان و الجودة و يعتبر هذا الاختصاص من أهم الاختصاصات الموكولة للمحتسب لما لها من صلة وثيقة بالمستهلك،
كما يتحقق المحتسب من المنتجات و الخدمات الخاضعة لرقابته طبقا للنصوص والأعراف المهنية الجاري بها العمل إضافة إلى ذلك يقوم المحتسب بتحرير المحاضر في حالة ضبط المخالفات[8].
و الملاحظ في هذا الباب هو لماذا المشرع المغربي جعل هذه المهام حكرا من طرف هيئات رسمية وإقصاء المجتمع المدني للمشاركة في مراقبة المهنيين بآليات أخرى تسمح لهم بالتدخل لحماية حقوقهم عند خرق قواعد المنافس في السوق...





[1] : المادة 61 من القانون  99_06 المتعلق بحرية الأسعار و المنافسة
[2] : الباب السادس : الممارسات المقيدة للمنافسة
[3] : الباب السابع : أحكام خاصة تتعلق بالمنتوجات أو الخدمات المنظمة أسعارها
[4] : المادة 52 من القانون  رقم 99_06 المتعلق بحرية الاسعار و المنافسة
[5] : المادة 7 من نفس القانون
[6] :المادة 6 من نفس القانون
[7] : المادة 7 من نفس القانون
[8] :مرسوم رقم 908_95_2 الصادر بتاريخ 5ماي 1999  لتطبيق القانون رقم 88_17 المتعلق باثبات مدة صلاحية الصبرات و شبه المصبرات و المشروبات المعلبة المخصصة للاستهلاك الانسان او الحيوان ج_ر 20ماي 1999
الجريمة الاقتصادية بين النظام المالي الإسلامي والأنظمة الاقتصادية الحديثة


- بوادر قيام الجريمة الاقتصادية في النظام المالي الإسلامي
 إذا كان الكل يجمع بأنه لم تعرف الشريعة الإسلامية مصطلح «الجريمة الاقتصادية» إلا حديثا ولم تستخدم تعابير العقوبات الاقتصادية سابقا، فإن بعض الفقهاء يستدل على وجود تجليات لهذه الجريمة في الشريعة الإسلامية ويذكر على سبيل المثال مؤسسة الحسبة التي يرأسها المحتسب الذي كان يتولى مراقبة النشاط الاقتصادي في المجتمع الإسلامي، وكان له الحق في فرض العقاب الذي يراه كي يصون المجتمع ومصلحته وفق قواعد الشريعة. مما يعني أن النظام المالي الإسلامي كان يقوم على مراقبة الأفعال التي تخل بقيم وعادات وأخلاق التجارة في ظل الدولة الإسلامية، كما كان يعاقب على المخالفات التي قد يقوم بها التجار وتكون لها آثار سلبية على المصالح الاقتصادية للتجار المسلمين، والأدلة من مصادر الشريعة الإسلامية تتعدد بشأن التأكيد على تحريم ومعاقبة القائمين بمثل هذه التصرفات فقد قال رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم"من غشنا فليس منا"، كما قال"لا ضرر ولا ضرار"،...
غير أن الملاحظ أن الجريمة الاقتصادية لم يكن بإمكاننا الحديث عنها في تلك المرحلة باعتبار أن العمل التجاري بين المسلمين كان محدود ولم يأخذ شكل متطورا بالشكل الذي كان قد يمس بمصالحهم الاقتصادية العامة، فكان الضرر الحاصل جراء مزاولة المسلمين التجارة محدود فيما بين التجار أو بينهم وغيرهم من المتعاملين معهم، دون أن يرتقي بالشكل الذي كان يسمح بقيام الجرائم الاقتصادية.
- تطور الجريمة الاقتصادية في الأنظمة الاقتصادية الحديثة
تعد الجريمة الاقتصادية من الجرائم المدخلة حديثاً في التشريع العقابي للدول. ويمكن القول إن فكرة التشريع الجزائي الاقتصادي بدأت بالظهور إبان الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، لما اقتضته هذه الحرب من وضع أنظمة لتسعير المواد الغذائية والتموينية وتوزيعها بالبطاقات ومكافحة الاحتكار والتلاعب بهذه المواد، وعقب الحرب خطت التشريعات المتصلة بالجرائم الاقتصادية خطوات ملحوظة ورافقت الثورة الاقتصادية التي قامت في بعض الدول ثورات سياسية واجتماعية، وظهرت الأنظمة الاشتراكية والفاشية والنازية، وبرز التشريع الجزائي الاقتصادي أو ما يطلق عليه بقانون العقوبات الاقتصادي في هذه الدول على نحو يتباين نطاقه ومداه لحماية التشريعات الاقتصادية التي أصدرتها. وكان من نتيجة الأزمة الاقتصادية الكبرى التي أحاقت بدول عديدة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1929 أنه سارعت هذه الدول إلى تنظيم اقتصادها وفق سياسة تخطيطية موجهة مختلفة الدرجة، فاستنّت لهذا الغرض تشريعات تتصل بحماية النقد وتنظيم الإنتاج والتجارة الخارجية. وأوصلت الحرب العالمية الثانية 1939-1944 ونتائجها التشريع الاقتصادي إلى ذروته حيث عمدت الدول المختلفة لإصدار تشريعات تتصل بحماية النقد وتنظيم الإنتاج والتجارة الخارجية. كما أصدرت في سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي والتخلص من السيطرة الأجنبية تشريعات مختلفة تستهدف توزيع المواد الإنتاجية والغذائية والسلع على نحو عادل. وهكذا أخذ قانون العقوبات الاقتصادي في النمو والتطور والاتساع بصورة مستمرة في دول كثيرة، مما دعا إلى البحث والنظر في إمكانية استقلاله عن قانون العقوبات العادي وإرساء قواعد وأحكام خاصة به، وهو في بعض الدول تشريع خاص يشتمل أحياناً عقوباتٍ مالية لها طابع إداري أو تأديبي أو اقتصادي إلى جانب عقوبات سالبة للحرية، ويستند هذا التشريع إلى الظروف الاقتصادية ومصلحة السياسة والنظام الاقتصاديين، ولهذا كانت التشريعات محدودة وخاصة يمكن إلحاقها بقانون العقوبات شأنها في ذلك شأن التشريعات الجزائية الأخرى، ولا تشكل تشريعاً مستقلاً بذاته، وذلك ما هو عليه الحال في الدول الرأسمالية ذات النظام الاقتصادي الحر التي تهدف فيه هذه التشريعات إلى حماية النظام الرأسمالي وهو أمر لا يستدعي قيام تشريع عقابي مستقل قائم بذاته. أما الدول ذات النظام الاشتراكي فقد وضع معظمها قانون عقوبات اقتصادي مستقل شمل كثيراً من الأمور التي لم تتعرض لها تشريعات الدول ذات النظام الرأسمالي، أما الدول التي لم تضع قانون عقوبات اقتصادي خاص فقد أدرجت الجرائم الاقتصادية في قانون العقوبات لديها انطلاقاً من مبدأ أن هذه الجرائم هي جرائم عادية، لكن هذه الدول جميعها أخذت بالمفهوم الواسع للجريمة الاقتصادية. وهكذا يمكن القول: إن هنالك مفهومين رئيسيين للجريمة الاقتصادية:
وبصورة عامة فإن قانون العقوبات الاقتصادية احتوى أنواعاً مختلفة من الجرائم حسب طبيعة النظام الاقتصادي لكل دول فنجد على سبيل المثال التصنيفات التالية:
1- الجرائم الموجهة ضد النظام الاشتراكي.
2- الجرائم الموجهة ضد الملكية الاشتراكية.
3- جرائم الإضرار بالاقتصاد الوطني.
4- جرائم الإضرار بالأموال العامة.
5- الجرائم المتعلقة بالعمل لدى الدولة.
ويلاحظ أنه مع سياسة الانفتاح الاقتصادي الذي بدأ مع مطلع التسعينات أصبحت الدول اليوم تنهج سياسة التخفيف من عقوبات بعض الجرائم الاقتصادية، مع تبنيها مفهوم واسع للجريمة الاقتصادية من خلال شمولها لكل الأعمال التي من شأنها إلحاق بالاقتصاد القومي والسياسة الاقتصادية لكل دولة.


الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

دور النيابة العامة  بالمحاكم التجارية في ممارسة الطعون 
- قضايا صعوبات المقاولة نموذجا 
تتمتع النيابة العامة بكامل الصفة القانونية لممارسة الطعون القضائية من استئناف ونقض وطلب إعادة النظر طبقا للإجراءات المنصوص عليها في الفصل 728 من مدونة التجارة وما بعده، فدور النيابة العامة أمام المحاكم المدنية وأمام المحاكم التجارية كما تحدده الفصول 9.87.6. من قانون المسطرة المدنية يبقى بالغ الاهمية، ففي المحاكم التجارية فهي تعد من أهم أشخاص مساطر صعوبة المقاولة التي ترتبط بالنظام العام الاقتصادي والاجتماعي لكونها طرفا اصليا كما هو منصوص عليه أيضا في بعض القوانين المقارنة كالتشريع الفرنسي حسب المادة 171 في فقرتها الثانية من قانون 25 يناير 1985 والتشريع المصري في المادة 96 من قانون المرافعات.
وقد ذهب في هذا الإطار القضاء الفرنسي إلى اعتبار النيابة العامة ان لها الحق في ممارسة جميع طرق الطعن المخولة بمقتضى قانون 25 يناير 1985 المتعلق بالتسوية والتصفية القضائية ولو لم تكن طرفا في مرحلة التقاضي السابقة وهذا ما أكده المجلس الدستوري الفرنسي في قراره رقم 84.182 بتاريخ 18/01/1985 على أساس أن النيابة العامة مكلفة بالدفاع عن النظام العام ويمكنها أن تحصل على الوسائل التي تمكنها من القيام بمهمتها خاصة بالنسبة لطرق الطعن المخولة للأطراف الرئيسية ولو لم تكن طرفا بهذه الصفة في مرحلة الطعون الأولى .
ونفس ما يقال عن الطعن بالاستئناف ينطبق بدوره عن باقي الطعون القضائية الأخرى وخاصة النقض وإعادة النظر استنادا إلى هذا فيمكن القول بان النيابة العامة تستمد حقها وواجباتها في ممارسة الطعون القضائية في مساطر معالجة المقاولة اعتمادا على عمومية نص المادتين 730و731 من مدونة التجارة لارتباط هذه النصوص من جهة أخرى بالنظام العام الاقتصادي، فالنيابة العامة أمام هذه المحاكم غايتها هي الدفاع والمحافظة على النظام العام تحقيقا للأمن الاجتماعي ومصلحة الاقتصاد الوطني في نطاق ما يسمح به القانون.
ويتبين من خلال دراسة نصوص مدونة التجارة الدور الهام الذي تلعبه النيابة العامة في مساطر معالجة صعوبات المقاولات فهي تطلب فتح المسطرة و استمرار نشاط المقاولة موضوع التصفية القضائية لكونها طرفا أصليا في هذه المساطر لذا لا يمكن مقارنتها بوضعها في الحالات المنصوص عليها في المادة 6 من قانون المسطرة المدنية التي تتدخل فيها النيابة العامة بمفهومها التقليدي أمام القضاء المدني.
       ويمكن القول أن العالم وما يشهده من تطور هائل في مجالات التجارة والاقتصاد ووسائل الاتصال والعلاقات التجارية والاقتصادية والمعاملات الالكترونية عن بعد يستدعي وجود آليات قضائية فاعلة مسلحة بوسائل قانونية من شأنها أن تجعل النيابة العامة تلعب دورا يستند على المبادرة الايجابية، لذلك فدورها لم يعد يقتصر على مراقبة مدى قانونية الإجراءات ومدى شرعية تطبيقها فحسب و إنما بالتدخل و المبادرة إسهاما منها في العمل القضائي الهادف إلى انقاد المقاولة و تقوية مناعتها لمواجهة ما قد يعرقل نشاطها التجاري والإسراع كذلك في العمل على إنقاذها عندما تواجهها صعوبات قانونية أو مالية أو اقتصادية وذلك تحقيقا لمصلحة المتعاملين معها من زبناء و مزودين و مأجورين  ومصرفيين و غيرهم، و هذا يعني الإسهام في تحقيق الأمن الاقتصادي في إطار المفهوم الجديد للنظام العام ، مما نرى معه ضرورة تجاوز ا ما يقال من أن النيابة العامة لا دور لها في المجال التجاري والتسليم بضرورة أن تقوم بكل مهامها حفظا للنظام العام الاقتصادي ولدورها الأصيل في المجال التجاري في كل ما له علاقة بالاقتصاد الوطني والمصلحة العامة للوطن التي تتجسد فيها مصالح الأفراد ذاتيين كانوا أو معنويين، وتبقى الطعون إحدى آليات النيابة العامة في المحاكم التجارية لتجسيد دورها الحقيقي الايجابي.


إجراءات التصفية القضائية في نظام معالجة صعوبات المقاولة المغربي



                                                     إجراءات التصفية القضائية 
 الفقرة الأولى: تحقيق الأصول وتصفية الخصوم
إن الغرض الأساسي من التصفية القضائية هو سداد ديون دائني المقاولة المحكوم عليها بالتصفية، وللوصول إلى الهدف يجب بداية تحقيق موجودات المقاولة، وذلك ببيع أصولها، سواء أكانت عقارات أو منقولات أو وحدات إنتاج، واستيفاء ما للمقاولة من ديون على الأغيار والتي حل أجلها ، ومن تم فإن إجراءات التصفية القضائية تقوم على عنصرين أساسين أولهما: تحقيق الأصول (بيع الأصول)، وثانيهما: تصفية الخصوم وتسديد الديون، وهي مهمة جسيمة يقوم بها السنديك تحت إشراف القاضي المنتدب[1] .
1- تحقيق أصول المقاولة
تعرض المشرع المغربي لأحكام بيع أصول المقاولة في طور التصفية في المواد 622 إلى 629 من المدونة، وباستقرائنا لهذه المواد، يتبين أن هذا البيع يتخذ أشكلا متعددة حسبما إذا تعلق الأمر بعقارات أو منقولات أو وحدات إنتاج.
أ- بيع العقار
يتم بيع العقار في شكل مزايدة علنية وفق الإجراءات الواردة في باب الحجز العقاري، المنصوص عليها في الفصل 469 من ق.م.م  وذلك تحت مراقبة القاضي المنتدب الذي يحدد الثمن الإفتتاحي للمزايدة والشروط الأساسية وكذا شكليات الشهر، وقد يتخذ البيع شكل مزايدة ودية[2]، وبالثمن الذي يحدده القاضي المنتدب، كما يمكن أن يتم البيع بالتراضي وفقا للثمن والشروط التي يحددها هو أيضا، إذا كان من شأن طبيعة ومحتوى العقارات ، وموقعها أو العروض المقدمة إتاحة التوصل إلى تفويت ودي بأفضل الشروط، وفي هذه الحالة – المزايد الودية- يمكن اللجوء دائما إلى تعلية الثمن.  
وكيفما كانت شكليات البيع، أي سواء تم البيع بمزايدة علنية أو مزايدة ودية، أو بيع بالتراضي بين الأطراف، فإن ذلك يتم تحت إشراف وسلطة القاضي المنتدب، الذي لا يأمر بالبيع إلا بعد الإستماع لرئيس المقاولة والسنديك أو استدعائهما بصفة قانونية، كما يتلقى ملاحظات المراقبين، وتعتبر هذه الإجراءات ضرورية تحت طائلة بطلان البيع العقاري[3].
ب- التفويت الشامل لوحدات الإنتاج     
نظرا لما للتصفية القضائية من آثار على الواقع الإقتصادي والإجتماعي للبلاد، من حيث وضع حد لنشاط المقاولة أو الشركة التجارية، وإنهاء لعقود العمل، وتسريح للعمال، قرر المشرع في المادة 623 من م ت إمكانية التفويت الشامل  لكل أو بعض وحدات الإنتاج المكونة من جزء أو مجموع الأصول المنقولة أو العقارية بشكل يحافظ على نشاط المقاولة بصفة كلية أو جزئية، وعلى مناصب الشغل وعلى الزبناء.
ويتم التفويت وفق مسطرة يسهر عليها السنديك الذي يسعى إلى الحصول على عروض التملك داخل أجل سبق أن حدده وأعلم به المراقبين، ولقبول العرض يجب أن يكون كتابيا وأن يشمل البيانات المتعلقة بالتوقعات الخاصة بالنشاط والتمويل، ثمن التفويت وكيفية سداده وتاريخ إنجاز التفويت ومستوى التشغيل وآفاقه حسب النشاط المعني، والضمانات المقدمة لأجل ضمان تنفيذ العرض ( المادة 604).
ويتم إيداع العروض لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية حيث يستطيع كل من يهمه الأمر الإطلاع عليها.
وبعد انتهاء أجل تلقي العروض، يتولى القاضي المنتدب وبعد الإستماع لرئيس المقاولة والمراقبين ولمالكي المحلات التي تشتغل بها بعض وحدات الإنتاج إن اقتضى الحال، اختيار العرض الذي يبدو له أكثر جدية، ويمكن في أفضل الظروف من ضمان استمرارية التشغيل والوفاء بديون المقاولة.
وبعد إنجاز عمليات البيع والتفويت الشامل يقوم السنديك بتوزيع الناتج عن ذلك بين الدائنين حسب مرتبتهم، مع مراعاة المنازعات المعروضة على أنظار المحكمة.
ج- فك الأموال المرهونة والمحبوسة
تسهيلا لتحقيق أصول المقاولة، يأذن القاضي المنتدب للسنديك بفك الأموال المرهونة من طرف المدين أو الأشياء المحبوسة، وذلك عملا بالمادة 626 من المدونة، وفي حالة غياب الإذن المذكور، يتعين على السنديك  القيام بتحقيق هذه الرهون، داخل أجل أقصاه ستة أشهر تبتدئ من تاريخ الحكم القاضي بالتصفية القضائية، ويقصد بتحقيق الرهن بيع الأشياء موضوع الرهن.
ويجب على السنديك إخبار الدائن المرتهن بالإذن بفك الشيء المرهون أو المحبوس لديه، داخل أجل 15 يوما قبل تحقيق الرهن.
وقد خول القانون للدائن المرتهن قبل تحقيق الرهن المطالبة بتمليك الشيء المرهون أو المحبوس لديه أداء لدينه الذي على المقاولة والمضمون بالرهن أو بحق الحبس ولو لم يتم قبول دينه بعد وهو ما عبر عنه المشرع في المادة 626 في فقرتها الرابعة.
يتم التشطيب على الرهن بطلب من السنديك في حالة قيده، سواء كان هذا الرهن مقيدا لدى المحافظة العقارية أو في السجل التجاري.
2- تصفية الخصوم
إذا كانت تصفية خصوم المقاولة وتسديد ديونها عبر عائدات عمليات البيع، من الأهداف الأساسية للتصفية القضائية، فإن ذلك لا يعني أن الوفاء بمستحقات الدائنين يتوقف جملة وتفصيلا على انتهاء عمليات بيع أصول المقاولة، ذلك أنه يمكن للقاضي المنتدب من تلقاء نفسه أو بطلب من السنديك، أو أحد الدائنين أن يأمر بأداء مسبق لقسط من الدين بشرط أن يكون مقبولا بشكل نهائي في باب الخصوم، وإن كانت هذه الإمكانية تعتبر استثناء من قاعدة وقف المتابعات الفردية ومنع الأداءات المنصوص عليها في المادة 653 من مدونة التجارة.
وحماية لحقوق الدائنين أصحاب الإمتيازات والضمانات، فقد قرر المشرع في المادة 628 من م. ت حكما خاصا، يقضي بأنه يمكن للدائنين المتوفرين على امتياز خاص أو رهن رسمي، أو رهن حيازي، وكذا للخزينة العامة بالنسبة لديونها الممتازة، ممارسة دعاويهم الفردية إذا لم يقم السنديك بتصفية الأموال المثقلة بهذه الرهون والإمتيازات داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ  صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة التصفية القضائية، شريطة أن يكونوا قد صرحوا بديونهم في باب الخصوم حتى وإن لم تقبل بعد. ويعتبر هذا أيضا استثناء من قاعدة وقف المتابعات الفردية المشار إليها أعلاه.
واعتمادا على مقتضيات المادة 630 من م. ت فإنه بعد بيع أصول المقاولة والحسم نهائيا في ترتيب الدائنين أصحاب الرهون الرسمية والإمتيازات، فإن الحاصلين منهم على رتبة مناسبة، لا يتقاضون مبلغ ترتيبهم الرهني في التوزيع إلا بعد خصم المبالغ التي سبق لهم أن تقاضوها ، حيث يستفيد الدائنون العاديون من هذه المبالغ المخصومة[4].
ومهما يكن من أمر فلا توزع مبالغ الأصول على الدائنين، كيفما كانت طبيعة الدين أو مرتبته، إلا بعد خصم مصاريف ونفقات التصفية القضائية، والإعانات المقدمة لرئيس المقاولة، أو مسيريها أو عائلاتهم- والمأذون بها من طرف القاضي المنتدب وكذا المبالغ التي تقاضاها الدائنون أصحاب الإمتياز، كما يتم وضع جزء من مبلغ الأصول كاحتياطي يكون موازيا للديون التي لم يتم البث نهائيا بشأن قبولها ولاسيما أجور المسيرين.  

الفقرة الثانية: قفل عمليات التصفية   
طبقا للمادة 635 من مدونة التجارة فإنه يمكن للمحكمة أن تقضي في أي وقت ولو تلقائيا بقفل التصفية القضائية، بعد استدعاء رئيس المقاولة وبناء على تقرير القاضي المنتدب وذلك في الأحوال التالية:
- إذا لم يعد ثمة خصوم واجبة الأداء، أو توفر السنديك على المبالغ الكافية لتغطية ديون الدائنين.
- إذا استحال الإستمرار في القيام بعمليات التصفية القضائية لعدم كفاية الأصول.                             
وبعد القيام بجميع أعمال التصفية الضرورية، وتحديد أموال الشركة المتبقية بعد سداد ديونها تنتهي مهام السنديك الذي يتولى إعداد تقرير بذلك، وتقديم الحساب الختامي للقاضي المنتدب.
وتجدر الإشارة إلى أن السنديك يتحمل بكل الالتزامات التي يتحمل بها الوكيل بأجرة بالنسبة إلى تقديم الحساب، وإلى رد ما تسلمه بسبب نيابته، بحيث يجب عليه عند انتهاء التصفية، إضافة إلى ما تقدم إجراء إحصاء وإقامة جرد لميزانية تتضمن أصول وخصوم المقاولة، ملخصا بذلك كل العمليات التي قام بها، ومحددا المركز النهائي للمقاولة[5]، كما يعمل السنديك على إيداع دفاتر الشركة أو المقاولة ومستنداتها ووثائقها لدى ضبط المحكمة المختصة، حتى يتأتى لذي المصلحة وورثتهم وخلفائهم الإطلاع عليها أو يأخذوا منها نسخا ولو بواسطة موثقين[6].
وفي الأخير يعمل السنديك المصفي على نشر إعلان قفل التصفية، موقع من طرفه وذلك في الصحيفة المخول لها نشر الإعلانات القانونية، وفي الجريدة الرسمية [7].




[1] - المادة 640 من المدونة.
[2] - المادة 622 من مدونة التجارة.
[3] - وإن كان نص المادة 624 من م ت لم ينص على هذا البطلان، لكن هده الإجراءات تعتبر من النظام العام.
[4] - المادة 632 من مدونة التجارة تنص على انه:" يتحاص الدائنون أصحاب الامتياز والرهن الرسمي وغير المقيدين في ثمن العقارات مع الدائنين العاديين بالنسبة لباقي  مستحقاتهم".
[5] - عز الدين بنستي الشركات في التشريع المغربي والمقارن، الجزء الأول ، الطبعة الأولى،  – 290- 191.
 [6] - Rives – Lange ( J.L) le règlement  judiciaire et la liquidation des Biens D.P 1975 P :41- 44
[7] -  ويتم ذلك وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 569 من مدونة التجارة.