الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

إجراءات التصفية القضائية في نظام معالجة صعوبات المقاولة المغربي



                                                     إجراءات التصفية القضائية 
 الفقرة الأولى: تحقيق الأصول وتصفية الخصوم
إن الغرض الأساسي من التصفية القضائية هو سداد ديون دائني المقاولة المحكوم عليها بالتصفية، وللوصول إلى الهدف يجب بداية تحقيق موجودات المقاولة، وذلك ببيع أصولها، سواء أكانت عقارات أو منقولات أو وحدات إنتاج، واستيفاء ما للمقاولة من ديون على الأغيار والتي حل أجلها ، ومن تم فإن إجراءات التصفية القضائية تقوم على عنصرين أساسين أولهما: تحقيق الأصول (بيع الأصول)، وثانيهما: تصفية الخصوم وتسديد الديون، وهي مهمة جسيمة يقوم بها السنديك تحت إشراف القاضي المنتدب[1] .
1- تحقيق أصول المقاولة
تعرض المشرع المغربي لأحكام بيع أصول المقاولة في طور التصفية في المواد 622 إلى 629 من المدونة، وباستقرائنا لهذه المواد، يتبين أن هذا البيع يتخذ أشكلا متعددة حسبما إذا تعلق الأمر بعقارات أو منقولات أو وحدات إنتاج.
أ- بيع العقار
يتم بيع العقار في شكل مزايدة علنية وفق الإجراءات الواردة في باب الحجز العقاري، المنصوص عليها في الفصل 469 من ق.م.م  وذلك تحت مراقبة القاضي المنتدب الذي يحدد الثمن الإفتتاحي للمزايدة والشروط الأساسية وكذا شكليات الشهر، وقد يتخذ البيع شكل مزايدة ودية[2]، وبالثمن الذي يحدده القاضي المنتدب، كما يمكن أن يتم البيع بالتراضي وفقا للثمن والشروط التي يحددها هو أيضا، إذا كان من شأن طبيعة ومحتوى العقارات ، وموقعها أو العروض المقدمة إتاحة التوصل إلى تفويت ودي بأفضل الشروط، وفي هذه الحالة – المزايد الودية- يمكن اللجوء دائما إلى تعلية الثمن.  
وكيفما كانت شكليات البيع، أي سواء تم البيع بمزايدة علنية أو مزايدة ودية، أو بيع بالتراضي بين الأطراف، فإن ذلك يتم تحت إشراف وسلطة القاضي المنتدب، الذي لا يأمر بالبيع إلا بعد الإستماع لرئيس المقاولة والسنديك أو استدعائهما بصفة قانونية، كما يتلقى ملاحظات المراقبين، وتعتبر هذه الإجراءات ضرورية تحت طائلة بطلان البيع العقاري[3].
ب- التفويت الشامل لوحدات الإنتاج     
نظرا لما للتصفية القضائية من آثار على الواقع الإقتصادي والإجتماعي للبلاد، من حيث وضع حد لنشاط المقاولة أو الشركة التجارية، وإنهاء لعقود العمل، وتسريح للعمال، قرر المشرع في المادة 623 من م ت إمكانية التفويت الشامل  لكل أو بعض وحدات الإنتاج المكونة من جزء أو مجموع الأصول المنقولة أو العقارية بشكل يحافظ على نشاط المقاولة بصفة كلية أو جزئية، وعلى مناصب الشغل وعلى الزبناء.
ويتم التفويت وفق مسطرة يسهر عليها السنديك الذي يسعى إلى الحصول على عروض التملك داخل أجل سبق أن حدده وأعلم به المراقبين، ولقبول العرض يجب أن يكون كتابيا وأن يشمل البيانات المتعلقة بالتوقعات الخاصة بالنشاط والتمويل، ثمن التفويت وكيفية سداده وتاريخ إنجاز التفويت ومستوى التشغيل وآفاقه حسب النشاط المعني، والضمانات المقدمة لأجل ضمان تنفيذ العرض ( المادة 604).
ويتم إيداع العروض لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية حيث يستطيع كل من يهمه الأمر الإطلاع عليها.
وبعد انتهاء أجل تلقي العروض، يتولى القاضي المنتدب وبعد الإستماع لرئيس المقاولة والمراقبين ولمالكي المحلات التي تشتغل بها بعض وحدات الإنتاج إن اقتضى الحال، اختيار العرض الذي يبدو له أكثر جدية، ويمكن في أفضل الظروف من ضمان استمرارية التشغيل والوفاء بديون المقاولة.
وبعد إنجاز عمليات البيع والتفويت الشامل يقوم السنديك بتوزيع الناتج عن ذلك بين الدائنين حسب مرتبتهم، مع مراعاة المنازعات المعروضة على أنظار المحكمة.
ج- فك الأموال المرهونة والمحبوسة
تسهيلا لتحقيق أصول المقاولة، يأذن القاضي المنتدب للسنديك بفك الأموال المرهونة من طرف المدين أو الأشياء المحبوسة، وذلك عملا بالمادة 626 من المدونة، وفي حالة غياب الإذن المذكور، يتعين على السنديك  القيام بتحقيق هذه الرهون، داخل أجل أقصاه ستة أشهر تبتدئ من تاريخ الحكم القاضي بالتصفية القضائية، ويقصد بتحقيق الرهن بيع الأشياء موضوع الرهن.
ويجب على السنديك إخبار الدائن المرتهن بالإذن بفك الشيء المرهون أو المحبوس لديه، داخل أجل 15 يوما قبل تحقيق الرهن.
وقد خول القانون للدائن المرتهن قبل تحقيق الرهن المطالبة بتمليك الشيء المرهون أو المحبوس لديه أداء لدينه الذي على المقاولة والمضمون بالرهن أو بحق الحبس ولو لم يتم قبول دينه بعد وهو ما عبر عنه المشرع في المادة 626 في فقرتها الرابعة.
يتم التشطيب على الرهن بطلب من السنديك في حالة قيده، سواء كان هذا الرهن مقيدا لدى المحافظة العقارية أو في السجل التجاري.
2- تصفية الخصوم
إذا كانت تصفية خصوم المقاولة وتسديد ديونها عبر عائدات عمليات البيع، من الأهداف الأساسية للتصفية القضائية، فإن ذلك لا يعني أن الوفاء بمستحقات الدائنين يتوقف جملة وتفصيلا على انتهاء عمليات بيع أصول المقاولة، ذلك أنه يمكن للقاضي المنتدب من تلقاء نفسه أو بطلب من السنديك، أو أحد الدائنين أن يأمر بأداء مسبق لقسط من الدين بشرط أن يكون مقبولا بشكل نهائي في باب الخصوم، وإن كانت هذه الإمكانية تعتبر استثناء من قاعدة وقف المتابعات الفردية ومنع الأداءات المنصوص عليها في المادة 653 من مدونة التجارة.
وحماية لحقوق الدائنين أصحاب الإمتيازات والضمانات، فقد قرر المشرع في المادة 628 من م. ت حكما خاصا، يقضي بأنه يمكن للدائنين المتوفرين على امتياز خاص أو رهن رسمي، أو رهن حيازي، وكذا للخزينة العامة بالنسبة لديونها الممتازة، ممارسة دعاويهم الفردية إذا لم يقم السنديك بتصفية الأموال المثقلة بهذه الرهون والإمتيازات داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ  صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة التصفية القضائية، شريطة أن يكونوا قد صرحوا بديونهم في باب الخصوم حتى وإن لم تقبل بعد. ويعتبر هذا أيضا استثناء من قاعدة وقف المتابعات الفردية المشار إليها أعلاه.
واعتمادا على مقتضيات المادة 630 من م. ت فإنه بعد بيع أصول المقاولة والحسم نهائيا في ترتيب الدائنين أصحاب الرهون الرسمية والإمتيازات، فإن الحاصلين منهم على رتبة مناسبة، لا يتقاضون مبلغ ترتيبهم الرهني في التوزيع إلا بعد خصم المبالغ التي سبق لهم أن تقاضوها ، حيث يستفيد الدائنون العاديون من هذه المبالغ المخصومة[4].
ومهما يكن من أمر فلا توزع مبالغ الأصول على الدائنين، كيفما كانت طبيعة الدين أو مرتبته، إلا بعد خصم مصاريف ونفقات التصفية القضائية، والإعانات المقدمة لرئيس المقاولة، أو مسيريها أو عائلاتهم- والمأذون بها من طرف القاضي المنتدب وكذا المبالغ التي تقاضاها الدائنون أصحاب الإمتياز، كما يتم وضع جزء من مبلغ الأصول كاحتياطي يكون موازيا للديون التي لم يتم البث نهائيا بشأن قبولها ولاسيما أجور المسيرين.  

الفقرة الثانية: قفل عمليات التصفية   
طبقا للمادة 635 من مدونة التجارة فإنه يمكن للمحكمة أن تقضي في أي وقت ولو تلقائيا بقفل التصفية القضائية، بعد استدعاء رئيس المقاولة وبناء على تقرير القاضي المنتدب وذلك في الأحوال التالية:
- إذا لم يعد ثمة خصوم واجبة الأداء، أو توفر السنديك على المبالغ الكافية لتغطية ديون الدائنين.
- إذا استحال الإستمرار في القيام بعمليات التصفية القضائية لعدم كفاية الأصول.                             
وبعد القيام بجميع أعمال التصفية الضرورية، وتحديد أموال الشركة المتبقية بعد سداد ديونها تنتهي مهام السنديك الذي يتولى إعداد تقرير بذلك، وتقديم الحساب الختامي للقاضي المنتدب.
وتجدر الإشارة إلى أن السنديك يتحمل بكل الالتزامات التي يتحمل بها الوكيل بأجرة بالنسبة إلى تقديم الحساب، وإلى رد ما تسلمه بسبب نيابته، بحيث يجب عليه عند انتهاء التصفية، إضافة إلى ما تقدم إجراء إحصاء وإقامة جرد لميزانية تتضمن أصول وخصوم المقاولة، ملخصا بذلك كل العمليات التي قام بها، ومحددا المركز النهائي للمقاولة[5]، كما يعمل السنديك على إيداع دفاتر الشركة أو المقاولة ومستنداتها ووثائقها لدى ضبط المحكمة المختصة، حتى يتأتى لذي المصلحة وورثتهم وخلفائهم الإطلاع عليها أو يأخذوا منها نسخا ولو بواسطة موثقين[6].
وفي الأخير يعمل السنديك المصفي على نشر إعلان قفل التصفية، موقع من طرفه وذلك في الصحيفة المخول لها نشر الإعلانات القانونية، وفي الجريدة الرسمية [7].




[1] - المادة 640 من المدونة.
[2] - المادة 622 من مدونة التجارة.
[3] - وإن كان نص المادة 624 من م ت لم ينص على هذا البطلان، لكن هده الإجراءات تعتبر من النظام العام.
[4] - المادة 632 من مدونة التجارة تنص على انه:" يتحاص الدائنون أصحاب الامتياز والرهن الرسمي وغير المقيدين في ثمن العقارات مع الدائنين العاديين بالنسبة لباقي  مستحقاتهم".
[5] - عز الدين بنستي الشركات في التشريع المغربي والمقارن، الجزء الأول ، الطبعة الأولى،  – 290- 191.
 [6] - Rives – Lange ( J.L) le règlement  judiciaire et la liquidation des Biens D.P 1975 P :41- 44
[7] -  ويتم ذلك وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 569 من مدونة التجارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق