الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

دور النيابة العامة  بالمحاكم التجارية في ممارسة الطعون 
- قضايا صعوبات المقاولة نموذجا 
تتمتع النيابة العامة بكامل الصفة القانونية لممارسة الطعون القضائية من استئناف ونقض وطلب إعادة النظر طبقا للإجراءات المنصوص عليها في الفصل 728 من مدونة التجارة وما بعده، فدور النيابة العامة أمام المحاكم المدنية وأمام المحاكم التجارية كما تحدده الفصول 9.87.6. من قانون المسطرة المدنية يبقى بالغ الاهمية، ففي المحاكم التجارية فهي تعد من أهم أشخاص مساطر صعوبة المقاولة التي ترتبط بالنظام العام الاقتصادي والاجتماعي لكونها طرفا اصليا كما هو منصوص عليه أيضا في بعض القوانين المقارنة كالتشريع الفرنسي حسب المادة 171 في فقرتها الثانية من قانون 25 يناير 1985 والتشريع المصري في المادة 96 من قانون المرافعات.
وقد ذهب في هذا الإطار القضاء الفرنسي إلى اعتبار النيابة العامة ان لها الحق في ممارسة جميع طرق الطعن المخولة بمقتضى قانون 25 يناير 1985 المتعلق بالتسوية والتصفية القضائية ولو لم تكن طرفا في مرحلة التقاضي السابقة وهذا ما أكده المجلس الدستوري الفرنسي في قراره رقم 84.182 بتاريخ 18/01/1985 على أساس أن النيابة العامة مكلفة بالدفاع عن النظام العام ويمكنها أن تحصل على الوسائل التي تمكنها من القيام بمهمتها خاصة بالنسبة لطرق الطعن المخولة للأطراف الرئيسية ولو لم تكن طرفا بهذه الصفة في مرحلة الطعون الأولى .
ونفس ما يقال عن الطعن بالاستئناف ينطبق بدوره عن باقي الطعون القضائية الأخرى وخاصة النقض وإعادة النظر استنادا إلى هذا فيمكن القول بان النيابة العامة تستمد حقها وواجباتها في ممارسة الطعون القضائية في مساطر معالجة المقاولة اعتمادا على عمومية نص المادتين 730و731 من مدونة التجارة لارتباط هذه النصوص من جهة أخرى بالنظام العام الاقتصادي، فالنيابة العامة أمام هذه المحاكم غايتها هي الدفاع والمحافظة على النظام العام تحقيقا للأمن الاجتماعي ومصلحة الاقتصاد الوطني في نطاق ما يسمح به القانون.
ويتبين من خلال دراسة نصوص مدونة التجارة الدور الهام الذي تلعبه النيابة العامة في مساطر معالجة صعوبات المقاولات فهي تطلب فتح المسطرة و استمرار نشاط المقاولة موضوع التصفية القضائية لكونها طرفا أصليا في هذه المساطر لذا لا يمكن مقارنتها بوضعها في الحالات المنصوص عليها في المادة 6 من قانون المسطرة المدنية التي تتدخل فيها النيابة العامة بمفهومها التقليدي أمام القضاء المدني.
       ويمكن القول أن العالم وما يشهده من تطور هائل في مجالات التجارة والاقتصاد ووسائل الاتصال والعلاقات التجارية والاقتصادية والمعاملات الالكترونية عن بعد يستدعي وجود آليات قضائية فاعلة مسلحة بوسائل قانونية من شأنها أن تجعل النيابة العامة تلعب دورا يستند على المبادرة الايجابية، لذلك فدورها لم يعد يقتصر على مراقبة مدى قانونية الإجراءات ومدى شرعية تطبيقها فحسب و إنما بالتدخل و المبادرة إسهاما منها في العمل القضائي الهادف إلى انقاد المقاولة و تقوية مناعتها لمواجهة ما قد يعرقل نشاطها التجاري والإسراع كذلك في العمل على إنقاذها عندما تواجهها صعوبات قانونية أو مالية أو اقتصادية وذلك تحقيقا لمصلحة المتعاملين معها من زبناء و مزودين و مأجورين  ومصرفيين و غيرهم، و هذا يعني الإسهام في تحقيق الأمن الاقتصادي في إطار المفهوم الجديد للنظام العام ، مما نرى معه ضرورة تجاوز ا ما يقال من أن النيابة العامة لا دور لها في المجال التجاري والتسليم بضرورة أن تقوم بكل مهامها حفظا للنظام العام الاقتصادي ولدورها الأصيل في المجال التجاري في كل ما له علاقة بالاقتصاد الوطني والمصلحة العامة للوطن التي تتجسد فيها مصالح الأفراد ذاتيين كانوا أو معنويين، وتبقى الطعون إحدى آليات النيابة العامة في المحاكم التجارية لتجسيد دورها الحقيقي الايجابي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق